Papers by Mohammed Dabbour
في يوم الخميس 10 من جمادى الأولى 1421 هـ الموافق لـ 10 من أغسطس 2000 م رحل عن الدنيا عالم موسوعي،... more في يوم الخميس 10 من جمادى الأولى 1421 هـ الموافق لـ 10 من أغسطس 2000 م رحل عن الدنيا عالم موسوعي، ومفكر إسلامي جليل، ومؤرخ كبير، هو الأستاذ الدكتور/ أحمد محمد جاب الله شلبي عن عمر يناهز أربعة وثمانين عامًا وبضعة أشهر

'oussour al- Jadida عصور الجديدة, 2019
كلمـة العـدد
تواصل مجلة عصور الجديدة التي يُصدرها مُختبر تاريخ الجزائر- جامعة وهران 1 أحمد بن بل... more كلمـة العـدد
تواصل مجلة عصور الجديدة التي يُصدرها مُختبر تاريخ الجزائر- جامعة وهران 1 أحمد بن بلة مسيرتها العلمية التي بدأتها سنة 2011م، ويأتي هذا العدد الأول من المجلد التاسع ليثري المكتبات بعدد معتبر من المقالات المتعلقة بالتاريخ والحضارة التي جادت بها أقلام ثلة من الباحثين في جامعات الجزائر والمغرب ومصر وتونس وفلسطين.
يتضمن هذا العدد مقالات متعددة شملت أغلب العصور التاريخية؛ ففي التاريخ القديم كتب الأستاذ زينب عبد التواب رياض خميس من مصر عن " الدوامات الزخرفية في مصر وبعض المواقع الأفريقية خلال عصور ما قبل التاريخ".
وفي التاريخ الوسيط كتب الدكتور امحمد بوشريط من الجزائر عن "الكاهنة وموقفها من الوجود الإسلامي ببلاد المغرب"، وخصّص الأستاذ إبراهيم أبو رميس من فلسطين مقالته للقيام بدراسة تاريخية أثرية عن "باب الشريعة (العدل) في قصر الحمراء"، واجتهد محمد علي دبّور في جمع "نُصُوص من التَّاريخ المفقُود لابن أبي الصَّلْت الدَّانيّ الأندلُسيّ"، ودراسة مُحْتواه ومنْهَجه التاريخيّ، وكتب المحجوب قدار من المغرب عن "جوانب من إسهام التجارة الخارجية في بروز النخبة التجارية بالمغرب الأقصى خلال العصر الوسيط فيما بين القرنين السادس والثامن الهـجريين(12- 14م)".
أما في التاريخ الحديث فقد خصّص جمال عبدولي من تونس بحثه لعرض "رحلة الإيطالي لودوفيكو دي فارتيما" باعتباره مصدرا من مصادر تاريخ الحجاز في مطلع القرن العاشر الهجري/السّادس عشر الميلادي، وقام الدكتور آمين كرطالي من الجزائر بنشر وتحقيق الجزء الأول من مخطوط "نبذة من سيرة الباي محمّد فاتح ثغر وهران" لمؤلّف مجهول.
وفي التاريخ المعاصر تناول الدكتور العربي بلعزوز من الجزائر "تأثير الحملة التنصيرية على اليتامى الجزائريين خلال مجاعات 1876-1868م" بمنطقة الشلف"، وتطرق الأستاذ الزهيد علوي من المغرب إلى "بعض مواقف علماء الجزائر من أوضاع مغرب القرن 19م: أبو حامد العربي المشرفي نموذجا "، أما صلاح حسين الهودلي من فلسطين فقد تناول في بحثه "سرقة الآثار الفلسطينية" باعتبارها نهبا للذات وتدميرا للهوية الوطنية الفلسطينية، وسرد الأستاذ عبد القادر خليفي من الجزائر رحلته إلى المغرب الأقصى في أكتوبر 2018م، وختم الباحث عبد القادر بوباية هذا العدد بركن "الإصدارات الجديدة" التي عرّف فيها بعدد من الكتب التاريخية التي صدرت سنة 2018م وبداية السنة الموالية (2019).
مع التنبيه إلى أن هذا العدد سيكون آخر عدد نطبعه في نسخة ورقية لنكتفي فيما سيأتي من أعداد بالنسخة الإلكترونية التي ستكون متوفرة في البوابة الجزائرية للمجلات العلمية، على أن نخصص الميزانية التي كنا نخصصها لطباعة هذه النسخ الورقية لنشر أطاريح الدكتوراه الجادة التي يناقضها أعضاء مختبر تاريخ الجزائر، وهدفنا من وراء ذلك تشجيع طلبة الدكتوراه على إنجاز أعمال علمية متميزة، وإثراء المكتبات بالأعمال الجادة للباحثين الجزائرييين.
مدير المختبر ورئيس التحرير: أ.د عبد القادر بوباية
دار النابغة بمصر (طنطا), 2018
كتاب (الأَنْوَارِ الْجَلِيَّةِ) من عُيون التُّراث الأندلُسيِّ ونفائسه، والمصدر الأوَّل والوحيد لت... more كتاب (الأَنْوَارِ الْجَلِيَّةِ) من عُيون التُّراث الأندلُسيِّ ونفائسه، والمصدر الأوَّل والوحيد لتاريخ أسرة المُرابطين في المغرب والأندلُس، لكنَّه في حُكْم المفقود، وفقدنا بضياعه المصدرَ الأساسيَّ الذي كنَّا نأمل أن يضيء كثيرًا من الجوانب المجهولة في تاريخ دولة المُرابطين بالغرب الإسلاميِّ، وقد اجتهدتُ في جمع شَمْل نُصُوصه الْمُتَفَرِّقة ورَتَّبْتُها وضَبَطْتُها وعَلَّقْتُ عليها وشَرَحْتُ غامِضَها، لتكون أيسرَ في المطالعة والاستفادة منها، وليتوفرَ لأول مَرَّةٍ بين أيدي الباحثين المهتمين بتاريخ المغرب والأندلُس عمومًا والمهتمين بتاريخ المُرابطين خُصُوصًا كتاب الأَنْوَارِ الْجَلِيَّةِ فِي أَخْبَارِ الدَّوْلَةِ الْمُرَابِطِيَّةِ لابن الصَّيْرَفِيِّ الغَرْنَاطِيِّ

Resumen. El estudio del coste de la vida y los precios de los productos en el Magreb y al-Andalus... more Resumen. El estudio del coste de la vida y los precios de los productos en el Magreb y al-Andalus, por el momento, es una cuestión difícil y compleja debido a la escasez de datos relacionados con esta parte de la situación histórica, pues necesitamos conocer minuciosamente el precio de las cosas que necesita y utiliza normalmente la gente para vivir, como: los bienes inmuebles (casas, huertas, tierras, etc.), el ajuar y los utensilios domésticos, como el mobiliario de la casa y el menaje de la cocina, además, la ropa y los tejidos, los instrumentos de trabajo, el oro y las joyas, el ganado y los productos alimenticios. Este trabajo es bastante largo, por eso vamos a dividirlo en tres partes y publicarlo en tres artículos seguidos. Abstract. The study of the cost of living and prices of products in the Maghreb and al-Andalus, for the moment, is a difficult and complex issue because of the paucity of data related to this part of the historical situation, because we need to know thoroughly the price of the things you need and usually people use to live, such as real estate (houses, gardens, land, etc.), the furnishings and housewares, such as home furnishings and kitchen utensils, additional clothing and fabrics, tools, gold and jewelery, livestock and food products.Because this work is quite long, we will divide it into three parts and publish three articles followed.
ألقي هذا البحث في المؤتمر الدولي الثاني الذي عقدته كلية دار العلوم - جامعة المنيا بالتعاون مع راب... more ألقي هذا البحث في المؤتمر الدولي الثاني الذي عقدته كلية دار العلوم - جامعة المنيا بالتعاون مع رابطة الجامعات الإسلامية في موضوع: الاستشراق والدراسات العربية والإسلامية، في الفترة من 4-6 صفر 1427 هـ/الموافق 4-6 مارس 2006 م – ونشر ضمن أعمال المؤتمر – المجلد الرابع - ص 1486-1535.
مدرسة الاستشراق الإسبانية من أقدم الحركات الاستشراقية في أوربا، ويرجع تاريخها إلى بداية انتشار ال... more مدرسة الاستشراق الإسبانية من أقدم الحركات الاستشراقية في أوربا، ويرجع تاريخها إلى بداية انتشار الإسلام في الأندلس، حيث شهدت هذه الفترة بدايات اهتمام الإسبان باللغة العربية والتراث العربي الأندلسي، ولكن لم يصلنا من إنتاجهم الفكري والأدبي الشيء الكثير بسبب ما قامت به حركة التعصب المسيحي من تعقب للعرب وإحراق الكتب العربية وتحريم قراءة اللغة العربية، خاصة بعد سقوط غرناطة سنة 897 هـ/ 1492 م.

أدب الرحلات يصور فيه الرحالة ما جرى له من أحداث أثناء رحلته، حيث يصف ما يراه من عادات البشر وسلوك... more أدب الرحلات يصور فيه الرحالة ما جرى له من أحداث أثناء رحلته، حيث يصف ما يراه من عادات البشر وسلوكهم وأخلاقهم، ويصف الأحوال الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والثقافية التي يشاهدها، وتُعدُّ كتب الرحلات من أهم المصادر الجغرافية والتاريخية والاجتماعية، لأن الكاتب يستقي معلوماته من المشاهدة الحية والتصوير المباشر، مما يجعل قراءتها ممتعة مسلية من ناحية، ومفيدة تاريخيًّا وحضاريًّا من ناحية أخرى.
وكان أبو بكر بن العربي الأندلسي واحدًا من الرحالة الذين قاموا بهذا الدور، حيث كان أوَّل أندلسي يصف رحلتَه إلى بلاد المشرق وصفًا دقيقًا، وأوَّل مَن دوَّن رحلته في كتاب أسماه: "ترتيب الرحلة للترغيب في الملة"، وقام بتجريد جانب من هذه الرحلة أسماه: "شواهد الجلَّة والأعيان في مشاهد الإسلام والبلدان"، كما لخصها في مقدمة كتابه: "قانون التأويل".
وصف ابن العربي مشاهداتِه لكل مكان وصل إليه، وتحرَّى الدقَّة في استِقْصاء الأخبار وتدوين المعلومات والملاحظات، وكانت القدس من أهم الأماكن التي توجه إليها وانبهر بازدهار الحركة العلمية فيها، فأشار إلى المناظرات العلمية، وتعدد المدارس العلمية مثل: مدرسة الشافعية والمدرسة الحنفية، والعلوم الشائعة في القدس آنذاك.
كما اهتم بالمعالم الأثرية والتاريخية، فحرَص على زيارة قبور الأنبِياء والصَّالحين وتسْجيل مشاهداتِه للعديد من الأماكن مثل: المسجد الأقصى، وقبر يوسف ويونس عليهما السلام، وباب حطة، ومسجد عمر بن الخطاب، والمائدة بطور زيتا، ومحراب داود، كما قارن بين حال أهل القدس وأهل الأندلس في العديد من المواقف، وكانت رحلته من المصادر الأساسية لتاريخ كل مدينة أو قرية مر بها، كما تعد مصدرًا مهمًّا للباحثين في مجالات التاريخ والاجتماع والحضارة الإسلامية خلال القرنين الخامس والسادس الهجريين.

للأمثال أهمية كبيرة في تحديد بعض ملامح المجتمع والتعبير عن العلاقات بين أفراده، وتصوير الحياة تصو... more للأمثال أهمية كبيرة في تحديد بعض ملامح المجتمع والتعبير عن العلاقات بين أفراده، وتصوير الحياة تصويرًا يكون –أحيانًا- أكثر بلاغة من المؤلفات التي وُضِعَتْ لذلك؛ لأن المثل يعبر بصدق عن حالة معينة من حالات المجتمع، ولا يميل إلى تغيير الحقيقة أو تزييف الواقع، لكن المؤلفات ربما عرض لها شيء من ذلك؛ لأن مؤلف الكتاب كلما كان قريبًا أو معاصرًا للأحداث كلما قلت موضوعيته، أو أخفى بعض الحقائق التي يخشى على نفسه من إظهارها، ومؤلف كل كتاب معروف، ومن السهل الوصول إليه، أما ضارب المثل فإنه لا يخشى شيئًا من ذلك؛ لأنه غير معروف، ولذلك فإنه يقول الحقيقة دون مواراة أو خوف، ويُظهر لنا الصورة الحقيقية لموقف معين من مواقف الحياة في المجتمع دون تزييف أو تحريف أو تغيير.
والأمثال باعتبارها الممثل الحقيقي للثقافة الشعبية الأندلسية تعد وثيقة اجتماعية مهمة وأقرب إلى الصدق في وصف جوانب كثيرة من المجتمع، ومن هنا تأتى أهمية دراسة المجتمعات من خلال الأمثال، فمن خلالها نستطيع أن نتعرف على العلاقات الإنسانية بين أفراد المجتمع، وكذلك جوانب الحياة الاجتماعية، والحياة الاقتصادية، ونرى صورًا خاصة لطبقات المجتمع، مثل: طبقة الفقهاء، وأيضًا الولاة والعمال، واليهود، والعبيد، وغير ذلك من طبقات المجتمع الأندلسي.
وسنعرض لهذه الملامح من خلال مجموعة: "أبى يحيى الزجّالى القرطبي" المتوفى سنة 694 هـ/ 1294 م، وكذلك مجموعة: "ابن عاصم الغرناطي" المتوفى سنه 829 هـ/ 1425 م، من خلال كتابه: "حدائق الأزاهر" الذي جمع فيه ما يزيد على ثمانمائة مثل، استطاع من خلالها أن يسجل لنا أحاسيس مواطنيه ومعاصريه، ورؤيتهم للأشياء، وما كان في المجتمع الأندلسي من تناقضات في شتى مجالات الحياة.

ابن عذارى المراكشي أحد المؤرخين الكبار المعروفين في القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي، وكت... more ابن عذارى المراكشي أحد المؤرخين الكبار المعروفين في القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي، وكتابه ((البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب)) من أهم المؤلفات التي تناولت تاريخ بلاد المغرب والأندلس من الفتح الإسلامي حتى نهاية الدولة الموحدية.
ويتميز ابن عذارى بالدقة في إيراد الأحداث التاريخية لهذه الفترة من تاريخ المسلمين في المغرب والأندلس، ويظهر التزامه الدقيق بمنهج الاختصار والإيجاز، وحرصه على معالجة الأحداث التاريخية بالطريقة الحولية، حيث يؤرخ للأحداث على السنين، واهتم بإيراد المكاتبات والرسائل والبيعات والكتب الصادرة من الخلفاء والسلاطين إلى عمالهم في مختلف الأقطار، واهتم أيضًا بالترجمة للشخصيات السياسية والعلمية، لكن اهتمامه بالترجمة للخلفاء والسلاطين كان يفوق اهتمامه بالترجمة لغيرهم.
كما اهتم بذكر الوفيات في نهاية بعض السنوات، وأحيانًا يبدأها بذكر الوفيات، كما اهتم كذلك بذكر بعض الأحداث التاريخية في المشرق الإسلامي، وظهر موقفه النقدي من الأحداث التاريخية؛ فكان يعلق على بعضها، ويفسر البعض الآخر، ويصحح بعضها أو يصحح بعض التواريخ، كما اهتم بالأحوال الاقتصادية وما يترتب عليها من فتن في المغرب والأندلس.
وفي طريقة كتابته نلحظ أنه زاوج بين الأسلوب المسترسل والسجع؛ أما الأسلوب المسترسل فقد غلب عليه في تناوله للجزأين الأول والثاني من كتابه، أما السجع فقد غلب عليه في تناوله للجزء الخاص بالموحدين.
كما تنوعت المصادر التي اعتمد عليها، فلجأ إلى مصادر أندلسية، وأخرى مغربية، ومصادر مشرقية، كما اعتمد على مصادر مبهمة لم يحدد عنوانها ولا مؤلفها، واعتمد كذلك على الرواية أو السماع في جمع المادة التاريخية.

أبو بكر ابن الصيرفي واحد من مؤرخي الأندلس المعروفين في القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي، ... more أبو بكر ابن الصيرفي واحد من مؤرخي الأندلس المعروفين في القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي، وكان مؤرخًا لدولة المرابطين في المغرب والأندلس، وقد ذاع صيته من خلال كتابه (الأنوار الجلية في أخبار الدولة المرابطية)، الذي يندرج تحت كتب "تاريخ الأسر"، وهي الكتب التي تهتم بالتأريخ للأسر الحاكمة في تاريخ الإسلام.
ورغم ضياع هذا المصدر التاريخي المهم إلا أنه من حسن الحظ أننا وجدنا نقولاً كثيرة منه عند عدد من المؤرخين اللاحقين تبين لنا مكانة المؤلِّف، وما كان لديه من حس تاريخي رفيع المستوى، ومكانة أدبية لا تُبارى، وتشهد كذلك بقيمة الكتاب وأسلوب صاحبه ومنهجه في عرض مادته التاريخية، حيث اعتمد الطريقة الموضوعية منهجًا لعرض الأحداث التاريخية، ملتزمًا بمنهج الإيجاز والاختصار والبعد عن التطويل والإسهاب، كما جاءت ترجماته واضحةً وافيةً مباشرةً معبِّرةً عن الشخصية وما يحيط بها، بعيدةً عن السجع والتكلف المعهود في مثل هذا النوع من التراجم.
كما أظهرت النصوص المأخوذة من كتابه أنه اعتمد على عدد من المصادر في استقاء مادته التاريخية كان من بينها المصادر الشفهية أو السماع من العارفين ببعض الأحداث، المطلعين على تفصيلاتها والمشاركين فيها، مما أفاد كثيرًا في استكمال صورة الحدث الذي يتناوله المؤرخ، خاصة تلك الأحداث التي يعاصرها ويعيش أحداثها.
فجاء المؤرخ مرموقًا مُبرَّزًا، والكتاب قيِّمًا مُتميِّزًا يستحقان بذل الكثير من الجهد والبحث في ثنايا المصادر المتنوعة للكشف عنهما، وإبراز مكانتهما للمهتمين بالتاريخ عامةً، وللمتخصصين في تاريخ المغرب والأندلس خاصةً.
Books by Mohammed Dabbour

إن المؤامرة على العالم الإسلامي مؤامرة قديمة جديدة، لها جذورها الممتدة في أعماق التاريخ، ولها مظا... more إن المؤامرة على العالم الإسلامي مؤامرة قديمة جديدة، لها جذورها الممتدة في أعماق التاريخ، ولها مظاهرها وأصداؤها في عالمنا اليوم وإن اختلفت الوسائل والاتجاهات، وكانت الحروب الصليبية تمثل أول خيط من خيوط تلك المؤامرة التي نسج الأوربيون خيوطها بإحكام، ووضعوا خططها بأناة ورَوِيَّة للسيطرة على الشرق الإسلامي ومقوماته، والتوسع في هذه المنطقة الجغرافية من العالم الإسلامي على حساب المسلمين، نظرًا لما كانت تعانيه أوربا في هذه الحقبة القديمة من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، لذلك فقد عرفت هذه الفترة من العصور الوسطى بالعصور المظلمة، وهو مصطلح لا يحتاج إلى تفسير، فصيغته توحى بمضمونه وأكثر.
وعندما أرادت أوربا الخروج من هذه الأوضاع المتردية جذب الشرق الإسلامي بثرائه وكمال مقوماته وموقعه الاستراتيجي المتميز من العالم انتباه هؤلاء الأوربيين، ورأوا فيه طوق النجاة لهم، وفرصة التوسع والاستقرار في هذه المنطقة الغنية من العالم دون نظر إلى الاعتبارات الإنسانية أو الأخلاقية، واستمر تواجدهم فيه ما يزيد على قرنين من الزمان، منذ سنة 491 ﻫ/ 1097 م حتى سنة 692 ﻫ/ 1292 م.
وإذا كان الأسلاف قد خرجوا من الشرق الإسلامي يجرون أذيال الخيبة والهزيمة أمام بسالة المسلمين في الذود عن أرض الإسلام والدفاع عنها ضد أطماع كل مغتصب، فإن الأخلاف الأوربيين لم ينسوا التاريخ، فجددت أوربا حروبها الصليبية ضد الشرق الإسلامي مرة أخرى في العصر الحديث، وليس أدل على ذلك من أننا نلحظ أن الدول التي أسهمت في الحروب الصليبية ودعت إليها – مثل فرنسا وإيطاليا وإنجلترا – كانت هي نفسها الدول التي أحيت تلك الحروب الصليبية وتقدمت نحو الشرق الإسلامي لمواصلة سياسة أسلافهم في استعماره ونهب خيراته والسيطرة على مقدراته، فقاموا بتقسيم التركة فيما بينهم، وإذا كانت فرنسا قديمًا هي صاحبة السبق في الحروب الصليبية وأكثر الدول الأوربية مشاركة فيها برجالها وأموالها، فقد كانت أيضًا في العصر الحديث أكبر المغتصبين المستعمرين نصيبًا من العالم الإسلامي سواءً في المشرق أو المغرب الإسلامي.
وتتواصل الفكرة الصليبية قرنًا بعد قرن دون أن تنسى أوربا أو أمريكا عداءهما للإسلام والمسلمين إلى أن ألقت أوربا بزمام المبادرة والقيادة لأمريكا لتواصل الحرب نفسها ضد المسلمين في العالم، ففرضت وصايتها على العالم، واقتحمت على المسلمين ديارهم في أفغانستان والسودان والعراق وغيرها من الدول الإسلامية تحت دعاوى وهمية زائفة – مثل الحرية والديمقراطية والعدالة وغيرها – هي نفسها لا تملك منها شيئًا، أو أنها تتحدث عنها بمفهومها الخاص لا بما يفهمه العالم.
وإننا لننتظر اليوم الذي يُفِيقُ فيه المسلمون جميعًا من غفلتهم، ويعودوا إلى وحدتهم، ويحرروا أرضهم من المحتلين المغتصبين الجدد كما فَعَل أسلافُهم من قبل، ويُذِيقُوا هؤلاء المغتصبين المعتدين كأس المرارة والهزيمة كما فُعِلَ بأشياعهم من قبل..... متى يتحقق ذلك ؟!!........... قل عسى أن يكون قريبًا.

كانت بدايات النصف الثاني من القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي نقطة تحول في تاريخ العالم ال... more كانت بدايات النصف الثاني من القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي نقطة تحول في تاريخ العالم الإسلامي، إذ شهدت هذه الفترة مجموعة من الأحداث الكبرى والتحديات الخطيرة، كان في مقدمتها ظهور دولة المماليك، ثم الاجتياح المغولي للعالم الإسلامي الذي أسفر عن سقوط الخلافة العباسية في بغداد، ثم ظهور العثمانيين على مسرح الأحداث، واستمرار دولتهم حتى نهاية الربع الأول من القرن العشرين، وقد مثلت دولة المماليك في هذه المرحلة حاجز أمان للعالم الإسلامي بعد تمكنها من التصدي للزحف المغولي المدمر، وتحقيق أعظم انتصار شهده النصف الثاني من القرن السابع الهجري في "عين جالوت"، فقد كان هذا الانتصار نقطة تحول ليس فقط في تاريخ الدولة المملوكية، بل في توجهات المغول أيضًا، فقد تمكن المماليك بعد هذا الانتصار الكبير من فرض سيطرتهم على مصر والشام وتحقيق الوحدة بين هذين الإقليمين، وبالتالي أصبحت الفرصة مهيأة أمامها لتحقيق الاستقرار السياسي والتقدم الحضاري حتى بدايات الربع الأول من القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي.
وفي أخريات النصف الأول من القرن السابع الهجري كان ميلاد دولة الأتراك العثمانيين، وهي تعد من أطول الإمبراطوريات الإسلامية عمرًا، وأوسعها أرضًا، وأكثرها قوة وطموحًا، وتكاد تكون القوة الإسلامية الوحيدة التي تمكنت - منذ المحاولات الأولى للقائد المسلم الشهير عبد الرحمن الغافقي - من اختراق الحدود الأوربية لتجعل للإسلام والمسلمين مستقرًّا في قلب أوربا، كما استطاعت أن تحوِّل حلم المسلمين بفتح القسطنطينية إلى واقع ملموس، ولكن طبقًا لسنة الله في الخلق - بعد جهاد طويل وجهود مضنية في سبيل نشر الإسلام وحفظ بيضته والدفاع عنه - دب الضعف في أوصال الإمبراطورية العثمانية، وتآمر عليها العدو والصديق، لأنها كانت تمثل في ذلك الوقت رمزًا للإسلام ووحدة للمسلمين، وانتهى أمرها - بعد سلسلة من المؤامرات والدسائس - إلى السقوط، وإلغاء الخلافة الإسلامية سنة 1924 م.
إن أمتنا - لاشك - في حاجة شديدة إلى الوعي بهذا التاريخ التليد في هذه المرحلة؛ ليتكون عندها الحافز للنهوض مرة أخرى، وتسلم راية الصدارة، بعد أن تخلت عنها طوال هذه القرون المديدة، ولم تجن من الابتعاد عن هذه الراية سوى التفرق والتناحر والتخلف، على أن تضع في اعتبارها الإفادة من إيجابيات هذا التاريخ، وتجنب سلبياته حتى لا تتكرر المأساة مرة أخرى.

إن دراسة النظم الإسلامية والوقوف على أهميتها وتاريخها ومكانتها في الدولة الإسلامية، يعد من أهم ما... more إن دراسة النظم الإسلامية والوقوف على أهميتها وتاريخها ومكانتها في الدولة الإسلامية، يعد من أهم ما يقدمه المسلمون لدينهم، حيث إنه يعيد الثقة في قدرة الإسلام على إدارة الحياة بجوانبها المختلفة، ويُعَدُّ لبنة في بناء دولة للإسلام تطبق نظمه وتشريعاته، وتكون صورة حية نابضة لتطبيق هذه النظم في العصر الحاضر.
فالصيحات المعاصرة التي تنعق بالدعوة لتنحية الإسلام عن شئون الحياة وفصله عن الدولة، لا يخرج أصحابها عن أمرين: فريق يدعو إلى ذلك بدافع الحقد على الإسلام وأهله، وإخلاصًا للفكر الغربي الذى أُشْرِبوا حبه فى قلوبهم، ولم يعودوا يرون أمام أعينهم سوى الغرب قبلةً، وأفكاره معتقدًا، وأصحابه ألهةً، فهؤلاء نقول لهم كما قال ربُّنا جل وعلا: ﴿مُوتُوا بِغَيْظِكُم0 إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.
وفريق آخر يدعو إلى ذلك جهلاً بالإسلام ومبادئه ونظمه –رغم أنهم مسلمون ومن بنى جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا- لكنهم لا يفهمون شيئًا عن دينهم، وتراهم –في المقابل- يحفظون أفكار الغرب ومبادئه عن ظهر قلب، في حين أنهم في الوقت نفسه لا يملكون القدرة على قراءة آية أو بضع آيات من كتاب ربهم، بل لا يستطيعون نطق أسماء سور القرآن نطقًا صحيحًا، ثم تراهم –مع هذه الفصاحة والعلم الغزير- يهاجمون الإسلام وتشريعاته ومبادئه ونظمه بدعوى أنه لا يصلح لقيادة هذه الحياة الدنيا، متخذين من بعض الانحرافات التاريخية وسيلة للهجوم على نظام الحكم في الإسلام، من أين أتوا بهذا العلم الغزير لإصدار مثل هذا الحكم الظالم.....لا أدرى!!!.
هؤلاء وأمثالهم بحاجة إلى مثل هذه الدراسة التي نحن بصددها، لعلهم يفهمون –من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية- أن الإسلام دين ودولة، وأنه لم يترك جانبًا من جوانب الحياة ينصلح به أمر الإنسان في الدنيا والآخرة إلا وضع له القواعد والنظم التي تحكمه، وما ذلك إلا لأنه الدين الذى ارتضاه الله عز وجل لعباده.
فمن الضروري أن يعي المسلمون جميعًا خطورة هذه المرحلة ويعلموا جيدًا أن الذي يقيهم ويحميهم ويرفع شأنهم هو تمسكهم بدينهم ونظامهم الإسلامي الشامل، واعتقادهم بأن هذا الدين لا يمكن أن يُعْزَل عن الحياة، لأنه دين ودنيا، وعبادة وقيادة، وكياسة وسياسة، وعلم وعمل، ونظام ودولة.
إن خير ما بذلت فيه الأوقات وشغلت به الساعات، هو دراسة السيرة النبوية العطرة، والأيام المحمدية الخ... more إن خير ما بذلت فيه الأوقات وشغلت به الساعات، هو دراسة السيرة النبوية العطرة، والأيام المحمدية الخالدة، فهي تجعل المسلم كأنه يعيش تلك الأحداث العظام التي مرت بالمسلمين، وربما تخيل أنه واحد من هؤلاء الكرام البررة الذين قامت على عواتقهم صروح المجد ونخوة البطولة.
وهذه صفحات مشرقات عاطرات بسيرة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم، حاولتُ فيها عرض أحداث المرحلة المكية من السيرة النبوية، مع التركيز على تحليل هذه الأحداث، والوقوف على ما فيها من عبر وفوائد دعوية وتربوية وسياسية لتكون ذات فائدة عملية في واقع المسلمين وحياتهم، وقدمت لذلك بدراسة شاملة عن أهداف دراسة السيرة النبوية وخصائصها ومميزاتها ومصادرها الأصلية والتكميلية، وعرض لأحوال العالم قبل بعثة النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، وتاريخ العرب قبل الإسلام، لبيان مدى حاجة البشرية التي كانت تتخبط في ظلام الجهل والوثنية إلى هذه النبوة الخاتمة لتخرج بها من وهدة الكفر والوثنية إلى قمة الإيمان والتوحيد، وإلى طريق مستقيم.

تاريخ الخلفاء الراشدين يمثل الحقبة المثالية في الإسلام التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم، ف... more تاريخ الخلفاء الراشدين يمثل الحقبة المثالية في الإسلام التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"، فهو عصر توافقت فيه الأعمال والأقوال والمعتقدات، عصر كانت الأمة فيه فوق الحكومة، والحق فوق القوة، وطلب الرضا من الله يدفع الجميع إلى الامتثال والسمع والطاعة، عصر كان أصحابه راشدين في سلوكهم وتصرفاتهم وأقوالهم، مرشدين وقدوة لمن بعدهم.
وقد تميز عصرهم من بين سائر عصور الدول الإسلامية بجملة من المميزات التي تميزه عن غيره، وصار العصر الراشدي مع عصر النبوة معلمًا بارزًا، ونموذجًا مكتملاً ، تسعى الأمة الإسلامية، وكل مصلح إلى محاولة الوصول إلى ذلك المستوى السامق الرفيع ، ويجعله كل داعية نصب عينيه فيحاول في دعوته رفع الأمة إلى مستوى ذلك العصر أو قريبًا منه، ويجعله معلمًا من معالم التأسي والقدوة للأجيال الإسلامية، ومن ثم صار كل مصلح، وكل حاكم عادل، وكل إمام مجتهد يقاس بهذا العصر، ويوزن بميزانه، حتى لقب كثير من العلماء الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز (خامس الخلفاء الراشدين)، ونسبوه إليهم، وذلك لأنه سار بسيرتهم، وسلك طريقهم، وأعاد في خلافته رغم قصرها (99-101هـ) معالم نهجهم، وأحيا طريقتهم في الحكم والإدارة وسياسة الرعية.
وقد حاولت في هذه الصفحات دراسة تاريخ الخلفاء الراشدين والوقوف على الأوضاع السياسية في عصرهم، وأهم ما قدموه للأمة من منجزات حضارية رائعة، مع التركيز على تحليل أحداث هذا العصر، والوقوف على ما فيها من عبر وفوائد دعوية وتربوية وسياسية؛ لتكون ذات فائدة عملية في واقع المسلمين وحياتهم.

تاريخ بني أمية يمثل حقبة مهمة من تاريخنا الإسلامي، حقبة ربما اختلفت وجهات نظر الكثيرين من المختصي... more تاريخ بني أمية يمثل حقبة مهمة من تاريخنا الإسلامي، حقبة ربما اختلفت وجهات نظر الكثيرين من المختصين في التاريخ الإسلامي حول تقييمها، ولكن المتأمل في تاريخ الدول والممالك يدرك بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا يوجد تاريخ أمة من الأمم، أو أسرة من الأسر الحاكمة، أو دولة من الدول المسيطرة إلا وله جوانب إيجابية وأخرى سلبية، فالجميع بشر يصيبون ويخطئون، وأحيانًا نصدر أحكامًا غير موضوعية وبدافع العاطفة فقط على مجموعة من التصرفات والإجراءات التي يتخذها حاكم ما أو والٍ ما دون أن نحلل الأحداث والوقائع التي دفعته إلى هذه التصرفات أو تلك الإجراءات، وإذا أردنا أن يكون حكمنا موضوعيًّا منصفًا فلا بد من مراعاة كل تلك الظروف عند الحكم على واقعة تاريخية بعينها.
وقد حاولت في هذه الصفحات دراسة هذه الحقبة المتميزة والوقوف على الأوضاع السياسية فيها، وأهم ما قدمه بنو أمية للأمة من منجزات حضارية رائعة، مع التركيز على تحليل أحداث هذا العصر، والوقوف على ما فيها من عبر وفوائد دعوية وتربوية وسياسية؛ لتكون ذات فائدة عملية في واقع المسلمين وحياتهم.
Uploads
Papers by Mohammed Dabbour
تواصل مجلة عصور الجديدة التي يُصدرها مُختبر تاريخ الجزائر- جامعة وهران 1 أحمد بن بلة مسيرتها العلمية التي بدأتها سنة 2011م، ويأتي هذا العدد الأول من المجلد التاسع ليثري المكتبات بعدد معتبر من المقالات المتعلقة بالتاريخ والحضارة التي جادت بها أقلام ثلة من الباحثين في جامعات الجزائر والمغرب ومصر وتونس وفلسطين.
يتضمن هذا العدد مقالات متعددة شملت أغلب العصور التاريخية؛ ففي التاريخ القديم كتب الأستاذ زينب عبد التواب رياض خميس من مصر عن " الدوامات الزخرفية في مصر وبعض المواقع الأفريقية خلال عصور ما قبل التاريخ".
وفي التاريخ الوسيط كتب الدكتور امحمد بوشريط من الجزائر عن "الكاهنة وموقفها من الوجود الإسلامي ببلاد المغرب"، وخصّص الأستاذ إبراهيم أبو رميس من فلسطين مقالته للقيام بدراسة تاريخية أثرية عن "باب الشريعة (العدل) في قصر الحمراء"، واجتهد محمد علي دبّور في جمع "نُصُوص من التَّاريخ المفقُود لابن أبي الصَّلْت الدَّانيّ الأندلُسيّ"، ودراسة مُحْتواه ومنْهَجه التاريخيّ، وكتب المحجوب قدار من المغرب عن "جوانب من إسهام التجارة الخارجية في بروز النخبة التجارية بالمغرب الأقصى خلال العصر الوسيط فيما بين القرنين السادس والثامن الهـجريين(12- 14م)".
أما في التاريخ الحديث فقد خصّص جمال عبدولي من تونس بحثه لعرض "رحلة الإيطالي لودوفيكو دي فارتيما" باعتباره مصدرا من مصادر تاريخ الحجاز في مطلع القرن العاشر الهجري/السّادس عشر الميلادي، وقام الدكتور آمين كرطالي من الجزائر بنشر وتحقيق الجزء الأول من مخطوط "نبذة من سيرة الباي محمّد فاتح ثغر وهران" لمؤلّف مجهول.
وفي التاريخ المعاصر تناول الدكتور العربي بلعزوز من الجزائر "تأثير الحملة التنصيرية على اليتامى الجزائريين خلال مجاعات 1876-1868م" بمنطقة الشلف"، وتطرق الأستاذ الزهيد علوي من المغرب إلى "بعض مواقف علماء الجزائر من أوضاع مغرب القرن 19م: أبو حامد العربي المشرفي نموذجا "، أما صلاح حسين الهودلي من فلسطين فقد تناول في بحثه "سرقة الآثار الفلسطينية" باعتبارها نهبا للذات وتدميرا للهوية الوطنية الفلسطينية، وسرد الأستاذ عبد القادر خليفي من الجزائر رحلته إلى المغرب الأقصى في أكتوبر 2018م، وختم الباحث عبد القادر بوباية هذا العدد بركن "الإصدارات الجديدة" التي عرّف فيها بعدد من الكتب التاريخية التي صدرت سنة 2018م وبداية السنة الموالية (2019).
مع التنبيه إلى أن هذا العدد سيكون آخر عدد نطبعه في نسخة ورقية لنكتفي فيما سيأتي من أعداد بالنسخة الإلكترونية التي ستكون متوفرة في البوابة الجزائرية للمجلات العلمية، على أن نخصص الميزانية التي كنا نخصصها لطباعة هذه النسخ الورقية لنشر أطاريح الدكتوراه الجادة التي يناقضها أعضاء مختبر تاريخ الجزائر، وهدفنا من وراء ذلك تشجيع طلبة الدكتوراه على إنجاز أعمال علمية متميزة، وإثراء المكتبات بالأعمال الجادة للباحثين الجزائرييين.
مدير المختبر ورئيس التحرير: أ.د عبد القادر بوباية
وكان أبو بكر بن العربي الأندلسي واحدًا من الرحالة الذين قاموا بهذا الدور، حيث كان أوَّل أندلسي يصف رحلتَه إلى بلاد المشرق وصفًا دقيقًا، وأوَّل مَن دوَّن رحلته في كتاب أسماه: "ترتيب الرحلة للترغيب في الملة"، وقام بتجريد جانب من هذه الرحلة أسماه: "شواهد الجلَّة والأعيان في مشاهد الإسلام والبلدان"، كما لخصها في مقدمة كتابه: "قانون التأويل".
وصف ابن العربي مشاهداتِه لكل مكان وصل إليه، وتحرَّى الدقَّة في استِقْصاء الأخبار وتدوين المعلومات والملاحظات، وكانت القدس من أهم الأماكن التي توجه إليها وانبهر بازدهار الحركة العلمية فيها، فأشار إلى المناظرات العلمية، وتعدد المدارس العلمية مثل: مدرسة الشافعية والمدرسة الحنفية، والعلوم الشائعة في القدس آنذاك.
كما اهتم بالمعالم الأثرية والتاريخية، فحرَص على زيارة قبور الأنبِياء والصَّالحين وتسْجيل مشاهداتِه للعديد من الأماكن مثل: المسجد الأقصى، وقبر يوسف ويونس عليهما السلام، وباب حطة، ومسجد عمر بن الخطاب، والمائدة بطور زيتا، ومحراب داود، كما قارن بين حال أهل القدس وأهل الأندلس في العديد من المواقف، وكانت رحلته من المصادر الأساسية لتاريخ كل مدينة أو قرية مر بها، كما تعد مصدرًا مهمًّا للباحثين في مجالات التاريخ والاجتماع والحضارة الإسلامية خلال القرنين الخامس والسادس الهجريين.
والأمثال باعتبارها الممثل الحقيقي للثقافة الشعبية الأندلسية تعد وثيقة اجتماعية مهمة وأقرب إلى الصدق في وصف جوانب كثيرة من المجتمع، ومن هنا تأتى أهمية دراسة المجتمعات من خلال الأمثال، فمن خلالها نستطيع أن نتعرف على العلاقات الإنسانية بين أفراد المجتمع، وكذلك جوانب الحياة الاجتماعية، والحياة الاقتصادية، ونرى صورًا خاصة لطبقات المجتمع، مثل: طبقة الفقهاء، وأيضًا الولاة والعمال، واليهود، والعبيد، وغير ذلك من طبقات المجتمع الأندلسي.
وسنعرض لهذه الملامح من خلال مجموعة: "أبى يحيى الزجّالى القرطبي" المتوفى سنة 694 هـ/ 1294 م، وكذلك مجموعة: "ابن عاصم الغرناطي" المتوفى سنه 829 هـ/ 1425 م، من خلال كتابه: "حدائق الأزاهر" الذي جمع فيه ما يزيد على ثمانمائة مثل، استطاع من خلالها أن يسجل لنا أحاسيس مواطنيه ومعاصريه، ورؤيتهم للأشياء، وما كان في المجتمع الأندلسي من تناقضات في شتى مجالات الحياة.
ويتميز ابن عذارى بالدقة في إيراد الأحداث التاريخية لهذه الفترة من تاريخ المسلمين في المغرب والأندلس، ويظهر التزامه الدقيق بمنهج الاختصار والإيجاز، وحرصه على معالجة الأحداث التاريخية بالطريقة الحولية، حيث يؤرخ للأحداث على السنين، واهتم بإيراد المكاتبات والرسائل والبيعات والكتب الصادرة من الخلفاء والسلاطين إلى عمالهم في مختلف الأقطار، واهتم أيضًا بالترجمة للشخصيات السياسية والعلمية، لكن اهتمامه بالترجمة للخلفاء والسلاطين كان يفوق اهتمامه بالترجمة لغيرهم.
كما اهتم بذكر الوفيات في نهاية بعض السنوات، وأحيانًا يبدأها بذكر الوفيات، كما اهتم كذلك بذكر بعض الأحداث التاريخية في المشرق الإسلامي، وظهر موقفه النقدي من الأحداث التاريخية؛ فكان يعلق على بعضها، ويفسر البعض الآخر، ويصحح بعضها أو يصحح بعض التواريخ، كما اهتم بالأحوال الاقتصادية وما يترتب عليها من فتن في المغرب والأندلس.
وفي طريقة كتابته نلحظ أنه زاوج بين الأسلوب المسترسل والسجع؛ أما الأسلوب المسترسل فقد غلب عليه في تناوله للجزأين الأول والثاني من كتابه، أما السجع فقد غلب عليه في تناوله للجزء الخاص بالموحدين.
كما تنوعت المصادر التي اعتمد عليها، فلجأ إلى مصادر أندلسية، وأخرى مغربية، ومصادر مشرقية، كما اعتمد على مصادر مبهمة لم يحدد عنوانها ولا مؤلفها، واعتمد كذلك على الرواية أو السماع في جمع المادة التاريخية.
ورغم ضياع هذا المصدر التاريخي المهم إلا أنه من حسن الحظ أننا وجدنا نقولاً كثيرة منه عند عدد من المؤرخين اللاحقين تبين لنا مكانة المؤلِّف، وما كان لديه من حس تاريخي رفيع المستوى، ومكانة أدبية لا تُبارى، وتشهد كذلك بقيمة الكتاب وأسلوب صاحبه ومنهجه في عرض مادته التاريخية، حيث اعتمد الطريقة الموضوعية منهجًا لعرض الأحداث التاريخية، ملتزمًا بمنهج الإيجاز والاختصار والبعد عن التطويل والإسهاب، كما جاءت ترجماته واضحةً وافيةً مباشرةً معبِّرةً عن الشخصية وما يحيط بها، بعيدةً عن السجع والتكلف المعهود في مثل هذا النوع من التراجم.
كما أظهرت النصوص المأخوذة من كتابه أنه اعتمد على عدد من المصادر في استقاء مادته التاريخية كان من بينها المصادر الشفهية أو السماع من العارفين ببعض الأحداث، المطلعين على تفصيلاتها والمشاركين فيها، مما أفاد كثيرًا في استكمال صورة الحدث الذي يتناوله المؤرخ، خاصة تلك الأحداث التي يعاصرها ويعيش أحداثها.
فجاء المؤرخ مرموقًا مُبرَّزًا، والكتاب قيِّمًا مُتميِّزًا يستحقان بذل الكثير من الجهد والبحث في ثنايا المصادر المتنوعة للكشف عنهما، وإبراز مكانتهما للمهتمين بالتاريخ عامةً، وللمتخصصين في تاريخ المغرب والأندلس خاصةً.
Books by Mohammed Dabbour
وعندما أرادت أوربا الخروج من هذه الأوضاع المتردية جذب الشرق الإسلامي بثرائه وكمال مقوماته وموقعه الاستراتيجي المتميز من العالم انتباه هؤلاء الأوربيين، ورأوا فيه طوق النجاة لهم، وفرصة التوسع والاستقرار في هذه المنطقة الغنية من العالم دون نظر إلى الاعتبارات الإنسانية أو الأخلاقية، واستمر تواجدهم فيه ما يزيد على قرنين من الزمان، منذ سنة 491 ﻫ/ 1097 م حتى سنة 692 ﻫ/ 1292 م.
وإذا كان الأسلاف قد خرجوا من الشرق الإسلامي يجرون أذيال الخيبة والهزيمة أمام بسالة المسلمين في الذود عن أرض الإسلام والدفاع عنها ضد أطماع كل مغتصب، فإن الأخلاف الأوربيين لم ينسوا التاريخ، فجددت أوربا حروبها الصليبية ضد الشرق الإسلامي مرة أخرى في العصر الحديث، وليس أدل على ذلك من أننا نلحظ أن الدول التي أسهمت في الحروب الصليبية ودعت إليها – مثل فرنسا وإيطاليا وإنجلترا – كانت هي نفسها الدول التي أحيت تلك الحروب الصليبية وتقدمت نحو الشرق الإسلامي لمواصلة سياسة أسلافهم في استعماره ونهب خيراته والسيطرة على مقدراته، فقاموا بتقسيم التركة فيما بينهم، وإذا كانت فرنسا قديمًا هي صاحبة السبق في الحروب الصليبية وأكثر الدول الأوربية مشاركة فيها برجالها وأموالها، فقد كانت أيضًا في العصر الحديث أكبر المغتصبين المستعمرين نصيبًا من العالم الإسلامي سواءً في المشرق أو المغرب الإسلامي.
وتتواصل الفكرة الصليبية قرنًا بعد قرن دون أن تنسى أوربا أو أمريكا عداءهما للإسلام والمسلمين إلى أن ألقت أوربا بزمام المبادرة والقيادة لأمريكا لتواصل الحرب نفسها ضد المسلمين في العالم، ففرضت وصايتها على العالم، واقتحمت على المسلمين ديارهم في أفغانستان والسودان والعراق وغيرها من الدول الإسلامية تحت دعاوى وهمية زائفة – مثل الحرية والديمقراطية والعدالة وغيرها – هي نفسها لا تملك منها شيئًا، أو أنها تتحدث عنها بمفهومها الخاص لا بما يفهمه العالم.
وإننا لننتظر اليوم الذي يُفِيقُ فيه المسلمون جميعًا من غفلتهم، ويعودوا إلى وحدتهم، ويحرروا أرضهم من المحتلين المغتصبين الجدد كما فَعَل أسلافُهم من قبل، ويُذِيقُوا هؤلاء المغتصبين المعتدين كأس المرارة والهزيمة كما فُعِلَ بأشياعهم من قبل..... متى يتحقق ذلك ؟!!........... قل عسى أن يكون قريبًا.
وفي أخريات النصف الأول من القرن السابع الهجري كان ميلاد دولة الأتراك العثمانيين، وهي تعد من أطول الإمبراطوريات الإسلامية عمرًا، وأوسعها أرضًا، وأكثرها قوة وطموحًا، وتكاد تكون القوة الإسلامية الوحيدة التي تمكنت - منذ المحاولات الأولى للقائد المسلم الشهير عبد الرحمن الغافقي - من اختراق الحدود الأوربية لتجعل للإسلام والمسلمين مستقرًّا في قلب أوربا، كما استطاعت أن تحوِّل حلم المسلمين بفتح القسطنطينية إلى واقع ملموس، ولكن طبقًا لسنة الله في الخلق - بعد جهاد طويل وجهود مضنية في سبيل نشر الإسلام وحفظ بيضته والدفاع عنه - دب الضعف في أوصال الإمبراطورية العثمانية، وتآمر عليها العدو والصديق، لأنها كانت تمثل في ذلك الوقت رمزًا للإسلام ووحدة للمسلمين، وانتهى أمرها - بعد سلسلة من المؤامرات والدسائس - إلى السقوط، وإلغاء الخلافة الإسلامية سنة 1924 م.
إن أمتنا - لاشك - في حاجة شديدة إلى الوعي بهذا التاريخ التليد في هذه المرحلة؛ ليتكون عندها الحافز للنهوض مرة أخرى، وتسلم راية الصدارة، بعد أن تخلت عنها طوال هذه القرون المديدة، ولم تجن من الابتعاد عن هذه الراية سوى التفرق والتناحر والتخلف، على أن تضع في اعتبارها الإفادة من إيجابيات هذا التاريخ، وتجنب سلبياته حتى لا تتكرر المأساة مرة أخرى.
فالصيحات المعاصرة التي تنعق بالدعوة لتنحية الإسلام عن شئون الحياة وفصله عن الدولة، لا يخرج أصحابها عن أمرين: فريق يدعو إلى ذلك بدافع الحقد على الإسلام وأهله، وإخلاصًا للفكر الغربي الذى أُشْرِبوا حبه فى قلوبهم، ولم يعودوا يرون أمام أعينهم سوى الغرب قبلةً، وأفكاره معتقدًا، وأصحابه ألهةً، فهؤلاء نقول لهم كما قال ربُّنا جل وعلا: ﴿مُوتُوا بِغَيْظِكُم0 إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.
وفريق آخر يدعو إلى ذلك جهلاً بالإسلام ومبادئه ونظمه –رغم أنهم مسلمون ومن بنى جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا- لكنهم لا يفهمون شيئًا عن دينهم، وتراهم –في المقابل- يحفظون أفكار الغرب ومبادئه عن ظهر قلب، في حين أنهم في الوقت نفسه لا يملكون القدرة على قراءة آية أو بضع آيات من كتاب ربهم، بل لا يستطيعون نطق أسماء سور القرآن نطقًا صحيحًا، ثم تراهم –مع هذه الفصاحة والعلم الغزير- يهاجمون الإسلام وتشريعاته ومبادئه ونظمه بدعوى أنه لا يصلح لقيادة هذه الحياة الدنيا، متخذين من بعض الانحرافات التاريخية وسيلة للهجوم على نظام الحكم في الإسلام، من أين أتوا بهذا العلم الغزير لإصدار مثل هذا الحكم الظالم.....لا أدرى!!!.
هؤلاء وأمثالهم بحاجة إلى مثل هذه الدراسة التي نحن بصددها، لعلهم يفهمون –من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية- أن الإسلام دين ودولة، وأنه لم يترك جانبًا من جوانب الحياة ينصلح به أمر الإنسان في الدنيا والآخرة إلا وضع له القواعد والنظم التي تحكمه، وما ذلك إلا لأنه الدين الذى ارتضاه الله عز وجل لعباده.
فمن الضروري أن يعي المسلمون جميعًا خطورة هذه المرحلة ويعلموا جيدًا أن الذي يقيهم ويحميهم ويرفع شأنهم هو تمسكهم بدينهم ونظامهم الإسلامي الشامل، واعتقادهم بأن هذا الدين لا يمكن أن يُعْزَل عن الحياة، لأنه دين ودنيا، وعبادة وقيادة، وكياسة وسياسة، وعلم وعمل، ونظام ودولة.
وهذه صفحات مشرقات عاطرات بسيرة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم، حاولتُ فيها عرض أحداث المرحلة المكية من السيرة النبوية، مع التركيز على تحليل هذه الأحداث، والوقوف على ما فيها من عبر وفوائد دعوية وتربوية وسياسية لتكون ذات فائدة عملية في واقع المسلمين وحياتهم، وقدمت لذلك بدراسة شاملة عن أهداف دراسة السيرة النبوية وخصائصها ومميزاتها ومصادرها الأصلية والتكميلية، وعرض لأحوال العالم قبل بعثة النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، وتاريخ العرب قبل الإسلام، لبيان مدى حاجة البشرية التي كانت تتخبط في ظلام الجهل والوثنية إلى هذه النبوة الخاتمة لتخرج بها من وهدة الكفر والوثنية إلى قمة الإيمان والتوحيد، وإلى طريق مستقيم.
وقد تميز عصرهم من بين سائر عصور الدول الإسلامية بجملة من المميزات التي تميزه عن غيره، وصار العصر الراشدي مع عصر النبوة معلمًا بارزًا، ونموذجًا مكتملاً ، تسعى الأمة الإسلامية، وكل مصلح إلى محاولة الوصول إلى ذلك المستوى السامق الرفيع ، ويجعله كل داعية نصب عينيه فيحاول في دعوته رفع الأمة إلى مستوى ذلك العصر أو قريبًا منه، ويجعله معلمًا من معالم التأسي والقدوة للأجيال الإسلامية، ومن ثم صار كل مصلح، وكل حاكم عادل، وكل إمام مجتهد يقاس بهذا العصر، ويوزن بميزانه، حتى لقب كثير من العلماء الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز (خامس الخلفاء الراشدين)، ونسبوه إليهم، وذلك لأنه سار بسيرتهم، وسلك طريقهم، وأعاد في خلافته رغم قصرها (99-101هـ) معالم نهجهم، وأحيا طريقتهم في الحكم والإدارة وسياسة الرعية.
وقد حاولت في هذه الصفحات دراسة تاريخ الخلفاء الراشدين والوقوف على الأوضاع السياسية في عصرهم، وأهم ما قدموه للأمة من منجزات حضارية رائعة، مع التركيز على تحليل أحداث هذا العصر، والوقوف على ما فيها من عبر وفوائد دعوية وتربوية وسياسية؛ لتكون ذات فائدة عملية في واقع المسلمين وحياتهم.
وقد حاولت في هذه الصفحات دراسة هذه الحقبة المتميزة والوقوف على الأوضاع السياسية فيها، وأهم ما قدمه بنو أمية للأمة من منجزات حضارية رائعة، مع التركيز على تحليل أحداث هذا العصر، والوقوف على ما فيها من عبر وفوائد دعوية وتربوية وسياسية؛ لتكون ذات فائدة عملية في واقع المسلمين وحياتهم.
تواصل مجلة عصور الجديدة التي يُصدرها مُختبر تاريخ الجزائر- جامعة وهران 1 أحمد بن بلة مسيرتها العلمية التي بدأتها سنة 2011م، ويأتي هذا العدد الأول من المجلد التاسع ليثري المكتبات بعدد معتبر من المقالات المتعلقة بالتاريخ والحضارة التي جادت بها أقلام ثلة من الباحثين في جامعات الجزائر والمغرب ومصر وتونس وفلسطين.
يتضمن هذا العدد مقالات متعددة شملت أغلب العصور التاريخية؛ ففي التاريخ القديم كتب الأستاذ زينب عبد التواب رياض خميس من مصر عن " الدوامات الزخرفية في مصر وبعض المواقع الأفريقية خلال عصور ما قبل التاريخ".
وفي التاريخ الوسيط كتب الدكتور امحمد بوشريط من الجزائر عن "الكاهنة وموقفها من الوجود الإسلامي ببلاد المغرب"، وخصّص الأستاذ إبراهيم أبو رميس من فلسطين مقالته للقيام بدراسة تاريخية أثرية عن "باب الشريعة (العدل) في قصر الحمراء"، واجتهد محمد علي دبّور في جمع "نُصُوص من التَّاريخ المفقُود لابن أبي الصَّلْت الدَّانيّ الأندلُسيّ"، ودراسة مُحْتواه ومنْهَجه التاريخيّ، وكتب المحجوب قدار من المغرب عن "جوانب من إسهام التجارة الخارجية في بروز النخبة التجارية بالمغرب الأقصى خلال العصر الوسيط فيما بين القرنين السادس والثامن الهـجريين(12- 14م)".
أما في التاريخ الحديث فقد خصّص جمال عبدولي من تونس بحثه لعرض "رحلة الإيطالي لودوفيكو دي فارتيما" باعتباره مصدرا من مصادر تاريخ الحجاز في مطلع القرن العاشر الهجري/السّادس عشر الميلادي، وقام الدكتور آمين كرطالي من الجزائر بنشر وتحقيق الجزء الأول من مخطوط "نبذة من سيرة الباي محمّد فاتح ثغر وهران" لمؤلّف مجهول.
وفي التاريخ المعاصر تناول الدكتور العربي بلعزوز من الجزائر "تأثير الحملة التنصيرية على اليتامى الجزائريين خلال مجاعات 1876-1868م" بمنطقة الشلف"، وتطرق الأستاذ الزهيد علوي من المغرب إلى "بعض مواقف علماء الجزائر من أوضاع مغرب القرن 19م: أبو حامد العربي المشرفي نموذجا "، أما صلاح حسين الهودلي من فلسطين فقد تناول في بحثه "سرقة الآثار الفلسطينية" باعتبارها نهبا للذات وتدميرا للهوية الوطنية الفلسطينية، وسرد الأستاذ عبد القادر خليفي من الجزائر رحلته إلى المغرب الأقصى في أكتوبر 2018م، وختم الباحث عبد القادر بوباية هذا العدد بركن "الإصدارات الجديدة" التي عرّف فيها بعدد من الكتب التاريخية التي صدرت سنة 2018م وبداية السنة الموالية (2019).
مع التنبيه إلى أن هذا العدد سيكون آخر عدد نطبعه في نسخة ورقية لنكتفي فيما سيأتي من أعداد بالنسخة الإلكترونية التي ستكون متوفرة في البوابة الجزائرية للمجلات العلمية، على أن نخصص الميزانية التي كنا نخصصها لطباعة هذه النسخ الورقية لنشر أطاريح الدكتوراه الجادة التي يناقضها أعضاء مختبر تاريخ الجزائر، وهدفنا من وراء ذلك تشجيع طلبة الدكتوراه على إنجاز أعمال علمية متميزة، وإثراء المكتبات بالأعمال الجادة للباحثين الجزائرييين.
مدير المختبر ورئيس التحرير: أ.د عبد القادر بوباية
وكان أبو بكر بن العربي الأندلسي واحدًا من الرحالة الذين قاموا بهذا الدور، حيث كان أوَّل أندلسي يصف رحلتَه إلى بلاد المشرق وصفًا دقيقًا، وأوَّل مَن دوَّن رحلته في كتاب أسماه: "ترتيب الرحلة للترغيب في الملة"، وقام بتجريد جانب من هذه الرحلة أسماه: "شواهد الجلَّة والأعيان في مشاهد الإسلام والبلدان"، كما لخصها في مقدمة كتابه: "قانون التأويل".
وصف ابن العربي مشاهداتِه لكل مكان وصل إليه، وتحرَّى الدقَّة في استِقْصاء الأخبار وتدوين المعلومات والملاحظات، وكانت القدس من أهم الأماكن التي توجه إليها وانبهر بازدهار الحركة العلمية فيها، فأشار إلى المناظرات العلمية، وتعدد المدارس العلمية مثل: مدرسة الشافعية والمدرسة الحنفية، والعلوم الشائعة في القدس آنذاك.
كما اهتم بالمعالم الأثرية والتاريخية، فحرَص على زيارة قبور الأنبِياء والصَّالحين وتسْجيل مشاهداتِه للعديد من الأماكن مثل: المسجد الأقصى، وقبر يوسف ويونس عليهما السلام، وباب حطة، ومسجد عمر بن الخطاب، والمائدة بطور زيتا، ومحراب داود، كما قارن بين حال أهل القدس وأهل الأندلس في العديد من المواقف، وكانت رحلته من المصادر الأساسية لتاريخ كل مدينة أو قرية مر بها، كما تعد مصدرًا مهمًّا للباحثين في مجالات التاريخ والاجتماع والحضارة الإسلامية خلال القرنين الخامس والسادس الهجريين.
والأمثال باعتبارها الممثل الحقيقي للثقافة الشعبية الأندلسية تعد وثيقة اجتماعية مهمة وأقرب إلى الصدق في وصف جوانب كثيرة من المجتمع، ومن هنا تأتى أهمية دراسة المجتمعات من خلال الأمثال، فمن خلالها نستطيع أن نتعرف على العلاقات الإنسانية بين أفراد المجتمع، وكذلك جوانب الحياة الاجتماعية، والحياة الاقتصادية، ونرى صورًا خاصة لطبقات المجتمع، مثل: طبقة الفقهاء، وأيضًا الولاة والعمال، واليهود، والعبيد، وغير ذلك من طبقات المجتمع الأندلسي.
وسنعرض لهذه الملامح من خلال مجموعة: "أبى يحيى الزجّالى القرطبي" المتوفى سنة 694 هـ/ 1294 م، وكذلك مجموعة: "ابن عاصم الغرناطي" المتوفى سنه 829 هـ/ 1425 م، من خلال كتابه: "حدائق الأزاهر" الذي جمع فيه ما يزيد على ثمانمائة مثل، استطاع من خلالها أن يسجل لنا أحاسيس مواطنيه ومعاصريه، ورؤيتهم للأشياء، وما كان في المجتمع الأندلسي من تناقضات في شتى مجالات الحياة.
ويتميز ابن عذارى بالدقة في إيراد الأحداث التاريخية لهذه الفترة من تاريخ المسلمين في المغرب والأندلس، ويظهر التزامه الدقيق بمنهج الاختصار والإيجاز، وحرصه على معالجة الأحداث التاريخية بالطريقة الحولية، حيث يؤرخ للأحداث على السنين، واهتم بإيراد المكاتبات والرسائل والبيعات والكتب الصادرة من الخلفاء والسلاطين إلى عمالهم في مختلف الأقطار، واهتم أيضًا بالترجمة للشخصيات السياسية والعلمية، لكن اهتمامه بالترجمة للخلفاء والسلاطين كان يفوق اهتمامه بالترجمة لغيرهم.
كما اهتم بذكر الوفيات في نهاية بعض السنوات، وأحيانًا يبدأها بذكر الوفيات، كما اهتم كذلك بذكر بعض الأحداث التاريخية في المشرق الإسلامي، وظهر موقفه النقدي من الأحداث التاريخية؛ فكان يعلق على بعضها، ويفسر البعض الآخر، ويصحح بعضها أو يصحح بعض التواريخ، كما اهتم بالأحوال الاقتصادية وما يترتب عليها من فتن في المغرب والأندلس.
وفي طريقة كتابته نلحظ أنه زاوج بين الأسلوب المسترسل والسجع؛ أما الأسلوب المسترسل فقد غلب عليه في تناوله للجزأين الأول والثاني من كتابه، أما السجع فقد غلب عليه في تناوله للجزء الخاص بالموحدين.
كما تنوعت المصادر التي اعتمد عليها، فلجأ إلى مصادر أندلسية، وأخرى مغربية، ومصادر مشرقية، كما اعتمد على مصادر مبهمة لم يحدد عنوانها ولا مؤلفها، واعتمد كذلك على الرواية أو السماع في جمع المادة التاريخية.
ورغم ضياع هذا المصدر التاريخي المهم إلا أنه من حسن الحظ أننا وجدنا نقولاً كثيرة منه عند عدد من المؤرخين اللاحقين تبين لنا مكانة المؤلِّف، وما كان لديه من حس تاريخي رفيع المستوى، ومكانة أدبية لا تُبارى، وتشهد كذلك بقيمة الكتاب وأسلوب صاحبه ومنهجه في عرض مادته التاريخية، حيث اعتمد الطريقة الموضوعية منهجًا لعرض الأحداث التاريخية، ملتزمًا بمنهج الإيجاز والاختصار والبعد عن التطويل والإسهاب، كما جاءت ترجماته واضحةً وافيةً مباشرةً معبِّرةً عن الشخصية وما يحيط بها، بعيدةً عن السجع والتكلف المعهود في مثل هذا النوع من التراجم.
كما أظهرت النصوص المأخوذة من كتابه أنه اعتمد على عدد من المصادر في استقاء مادته التاريخية كان من بينها المصادر الشفهية أو السماع من العارفين ببعض الأحداث، المطلعين على تفصيلاتها والمشاركين فيها، مما أفاد كثيرًا في استكمال صورة الحدث الذي يتناوله المؤرخ، خاصة تلك الأحداث التي يعاصرها ويعيش أحداثها.
فجاء المؤرخ مرموقًا مُبرَّزًا، والكتاب قيِّمًا مُتميِّزًا يستحقان بذل الكثير من الجهد والبحث في ثنايا المصادر المتنوعة للكشف عنهما، وإبراز مكانتهما للمهتمين بالتاريخ عامةً، وللمتخصصين في تاريخ المغرب والأندلس خاصةً.
وعندما أرادت أوربا الخروج من هذه الأوضاع المتردية جذب الشرق الإسلامي بثرائه وكمال مقوماته وموقعه الاستراتيجي المتميز من العالم انتباه هؤلاء الأوربيين، ورأوا فيه طوق النجاة لهم، وفرصة التوسع والاستقرار في هذه المنطقة الغنية من العالم دون نظر إلى الاعتبارات الإنسانية أو الأخلاقية، واستمر تواجدهم فيه ما يزيد على قرنين من الزمان، منذ سنة 491 ﻫ/ 1097 م حتى سنة 692 ﻫ/ 1292 م.
وإذا كان الأسلاف قد خرجوا من الشرق الإسلامي يجرون أذيال الخيبة والهزيمة أمام بسالة المسلمين في الذود عن أرض الإسلام والدفاع عنها ضد أطماع كل مغتصب، فإن الأخلاف الأوربيين لم ينسوا التاريخ، فجددت أوربا حروبها الصليبية ضد الشرق الإسلامي مرة أخرى في العصر الحديث، وليس أدل على ذلك من أننا نلحظ أن الدول التي أسهمت في الحروب الصليبية ودعت إليها – مثل فرنسا وإيطاليا وإنجلترا – كانت هي نفسها الدول التي أحيت تلك الحروب الصليبية وتقدمت نحو الشرق الإسلامي لمواصلة سياسة أسلافهم في استعماره ونهب خيراته والسيطرة على مقدراته، فقاموا بتقسيم التركة فيما بينهم، وإذا كانت فرنسا قديمًا هي صاحبة السبق في الحروب الصليبية وأكثر الدول الأوربية مشاركة فيها برجالها وأموالها، فقد كانت أيضًا في العصر الحديث أكبر المغتصبين المستعمرين نصيبًا من العالم الإسلامي سواءً في المشرق أو المغرب الإسلامي.
وتتواصل الفكرة الصليبية قرنًا بعد قرن دون أن تنسى أوربا أو أمريكا عداءهما للإسلام والمسلمين إلى أن ألقت أوربا بزمام المبادرة والقيادة لأمريكا لتواصل الحرب نفسها ضد المسلمين في العالم، ففرضت وصايتها على العالم، واقتحمت على المسلمين ديارهم في أفغانستان والسودان والعراق وغيرها من الدول الإسلامية تحت دعاوى وهمية زائفة – مثل الحرية والديمقراطية والعدالة وغيرها – هي نفسها لا تملك منها شيئًا، أو أنها تتحدث عنها بمفهومها الخاص لا بما يفهمه العالم.
وإننا لننتظر اليوم الذي يُفِيقُ فيه المسلمون جميعًا من غفلتهم، ويعودوا إلى وحدتهم، ويحرروا أرضهم من المحتلين المغتصبين الجدد كما فَعَل أسلافُهم من قبل، ويُذِيقُوا هؤلاء المغتصبين المعتدين كأس المرارة والهزيمة كما فُعِلَ بأشياعهم من قبل..... متى يتحقق ذلك ؟!!........... قل عسى أن يكون قريبًا.
وفي أخريات النصف الأول من القرن السابع الهجري كان ميلاد دولة الأتراك العثمانيين، وهي تعد من أطول الإمبراطوريات الإسلامية عمرًا، وأوسعها أرضًا، وأكثرها قوة وطموحًا، وتكاد تكون القوة الإسلامية الوحيدة التي تمكنت - منذ المحاولات الأولى للقائد المسلم الشهير عبد الرحمن الغافقي - من اختراق الحدود الأوربية لتجعل للإسلام والمسلمين مستقرًّا في قلب أوربا، كما استطاعت أن تحوِّل حلم المسلمين بفتح القسطنطينية إلى واقع ملموس، ولكن طبقًا لسنة الله في الخلق - بعد جهاد طويل وجهود مضنية في سبيل نشر الإسلام وحفظ بيضته والدفاع عنه - دب الضعف في أوصال الإمبراطورية العثمانية، وتآمر عليها العدو والصديق، لأنها كانت تمثل في ذلك الوقت رمزًا للإسلام ووحدة للمسلمين، وانتهى أمرها - بعد سلسلة من المؤامرات والدسائس - إلى السقوط، وإلغاء الخلافة الإسلامية سنة 1924 م.
إن أمتنا - لاشك - في حاجة شديدة إلى الوعي بهذا التاريخ التليد في هذه المرحلة؛ ليتكون عندها الحافز للنهوض مرة أخرى، وتسلم راية الصدارة، بعد أن تخلت عنها طوال هذه القرون المديدة، ولم تجن من الابتعاد عن هذه الراية سوى التفرق والتناحر والتخلف، على أن تضع في اعتبارها الإفادة من إيجابيات هذا التاريخ، وتجنب سلبياته حتى لا تتكرر المأساة مرة أخرى.
فالصيحات المعاصرة التي تنعق بالدعوة لتنحية الإسلام عن شئون الحياة وفصله عن الدولة، لا يخرج أصحابها عن أمرين: فريق يدعو إلى ذلك بدافع الحقد على الإسلام وأهله، وإخلاصًا للفكر الغربي الذى أُشْرِبوا حبه فى قلوبهم، ولم يعودوا يرون أمام أعينهم سوى الغرب قبلةً، وأفكاره معتقدًا، وأصحابه ألهةً، فهؤلاء نقول لهم كما قال ربُّنا جل وعلا: ﴿مُوتُوا بِغَيْظِكُم0 إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.
وفريق آخر يدعو إلى ذلك جهلاً بالإسلام ومبادئه ونظمه –رغم أنهم مسلمون ومن بنى جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا- لكنهم لا يفهمون شيئًا عن دينهم، وتراهم –في المقابل- يحفظون أفكار الغرب ومبادئه عن ظهر قلب، في حين أنهم في الوقت نفسه لا يملكون القدرة على قراءة آية أو بضع آيات من كتاب ربهم، بل لا يستطيعون نطق أسماء سور القرآن نطقًا صحيحًا، ثم تراهم –مع هذه الفصاحة والعلم الغزير- يهاجمون الإسلام وتشريعاته ومبادئه ونظمه بدعوى أنه لا يصلح لقيادة هذه الحياة الدنيا، متخذين من بعض الانحرافات التاريخية وسيلة للهجوم على نظام الحكم في الإسلام، من أين أتوا بهذا العلم الغزير لإصدار مثل هذا الحكم الظالم.....لا أدرى!!!.
هؤلاء وأمثالهم بحاجة إلى مثل هذه الدراسة التي نحن بصددها، لعلهم يفهمون –من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية- أن الإسلام دين ودولة، وأنه لم يترك جانبًا من جوانب الحياة ينصلح به أمر الإنسان في الدنيا والآخرة إلا وضع له القواعد والنظم التي تحكمه، وما ذلك إلا لأنه الدين الذى ارتضاه الله عز وجل لعباده.
فمن الضروري أن يعي المسلمون جميعًا خطورة هذه المرحلة ويعلموا جيدًا أن الذي يقيهم ويحميهم ويرفع شأنهم هو تمسكهم بدينهم ونظامهم الإسلامي الشامل، واعتقادهم بأن هذا الدين لا يمكن أن يُعْزَل عن الحياة، لأنه دين ودنيا، وعبادة وقيادة، وكياسة وسياسة، وعلم وعمل، ونظام ودولة.
وهذه صفحات مشرقات عاطرات بسيرة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم، حاولتُ فيها عرض أحداث المرحلة المكية من السيرة النبوية، مع التركيز على تحليل هذه الأحداث، والوقوف على ما فيها من عبر وفوائد دعوية وتربوية وسياسية لتكون ذات فائدة عملية في واقع المسلمين وحياتهم، وقدمت لذلك بدراسة شاملة عن أهداف دراسة السيرة النبوية وخصائصها ومميزاتها ومصادرها الأصلية والتكميلية، وعرض لأحوال العالم قبل بعثة النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، وتاريخ العرب قبل الإسلام، لبيان مدى حاجة البشرية التي كانت تتخبط في ظلام الجهل والوثنية إلى هذه النبوة الخاتمة لتخرج بها من وهدة الكفر والوثنية إلى قمة الإيمان والتوحيد، وإلى طريق مستقيم.
وقد تميز عصرهم من بين سائر عصور الدول الإسلامية بجملة من المميزات التي تميزه عن غيره، وصار العصر الراشدي مع عصر النبوة معلمًا بارزًا، ونموذجًا مكتملاً ، تسعى الأمة الإسلامية، وكل مصلح إلى محاولة الوصول إلى ذلك المستوى السامق الرفيع ، ويجعله كل داعية نصب عينيه فيحاول في دعوته رفع الأمة إلى مستوى ذلك العصر أو قريبًا منه، ويجعله معلمًا من معالم التأسي والقدوة للأجيال الإسلامية، ومن ثم صار كل مصلح، وكل حاكم عادل، وكل إمام مجتهد يقاس بهذا العصر، ويوزن بميزانه، حتى لقب كثير من العلماء الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز (خامس الخلفاء الراشدين)، ونسبوه إليهم، وذلك لأنه سار بسيرتهم، وسلك طريقهم، وأعاد في خلافته رغم قصرها (99-101هـ) معالم نهجهم، وأحيا طريقتهم في الحكم والإدارة وسياسة الرعية.
وقد حاولت في هذه الصفحات دراسة تاريخ الخلفاء الراشدين والوقوف على الأوضاع السياسية في عصرهم، وأهم ما قدموه للأمة من منجزات حضارية رائعة، مع التركيز على تحليل أحداث هذا العصر، والوقوف على ما فيها من عبر وفوائد دعوية وتربوية وسياسية؛ لتكون ذات فائدة عملية في واقع المسلمين وحياتهم.
وقد حاولت في هذه الصفحات دراسة هذه الحقبة المتميزة والوقوف على الأوضاع السياسية فيها، وأهم ما قدمه بنو أمية للأمة من منجزات حضارية رائعة، مع التركيز على تحليل أحداث هذا العصر، والوقوف على ما فيها من عبر وفوائد دعوية وتربوية وسياسية؛ لتكون ذات فائدة عملية في واقع المسلمين وحياتهم.